الخبيرة الأمنية آن غيوديتشيلي في حوار مع "الشروق":

·الجماعة السلفية لم تقتل الفرنسيين الأربعة في موريتانيا

 

"فرنسا قد تكون تلقت ضغوطا خارجية لإلغاء رالي داكار"


كشفت الخبيرة الأمنية الفرنسية، آن غيوديتشيلي، في حوار مع "الشروق" أن قرار فرنسا إلغاء سباق رالي داكار قد يكون بناء على ضغوط من دول مجاورة، معتبرة في السياق نفسه أن هناك تضخيما لتهديدات "قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي" على مجريات السباق، وهو ما شكل ضربة مؤلمة لموريتانيا، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

 

حاورها: مصطفى فرحات

 

 

 

هل يمكن اعتبار إلغاء رالي داكار نصرا دعائيا لتنظيم "القاعدة"؟

 

أولا، أود أن أوضح نقطة مهمة متعلقة بهذا الموضوع. فأنا أعتقد أن السلطات الفرنسية ضخمت التهديد الذي أطلقه ما كان يُعرف سابقا باسم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، لأن التنظيم الإرهابي كان يُهدد في كل مرة بضرب الرالي، ومع ذلك كان يتم اعتماد حلول في حال حدوث اعتداء، ومن ذلك اعتماد معبر جوي على بعض المناطق التي كانت تعتبر خطرا أمنيا على المتسابقين، أو حتى إلغاء بعض المراحل أو تحويرها. لكن لم يتم تدارس حلول جانبية هذه المرة وكان القرار منصبا على إلغاء السباق من أساسه في هذه السنة.

وفيما يخص "تنظيم القاعدة"، فإنه سيتقوى معنويا بهذا القرار الفرنسي، لأنه سيعتبر أن ما حققه إنجاز معتبر ونصر على "الأعداء"، والغريب أن هذا الموقف الفرنسي ليس متجانسا مع برنامج الرئيس ساركوزي الذي طالما دافع عنه، حيث كان يؤكد رفضه في كل مرة الخضوع للإرهاب أو الدخول معه في مساومات.

 

هل هذا يعني أن موريتانيا لم تكن قادرة على حماية أمن المتسابقين من تهديدات "القاعدة"؟

 

لا، بل بالعكس حاولت موريتانيا تقديم ضمانات كبيرة لكي لا يُلغى السباق. فهي قررت بث 4000 جندي على طول المضمار الذي يمر فيه السباق بأراضيها، إضافة إلى تعزيزات أمنية معتبرة والقيام بمراقبة جوية دائمة لضمان أمن وسلامة المتسابقين، وحتى مسؤولو السباق اقتنعوا ابتداء بهذه الإجراءات قبل أن تلغي الحكومة الفرنسية السباق من أساسه. وأنا شخصيا لم أفهم لم اعتبرت فرنسا أن التهديد الإرهابي يمكن أن يكون مختلفا على التهديدات السابقة؟ ولم قررت فجأة إلغاء السباق بدل البحث عن صيغ أخرى لإنقاذه؟ كما أن التنظيم الإرهابي يُعتبر نسبيا ضعيفا على الأراضي الموريتانية مقارنة بالجزائر، لأن التهديد الإرهابي فيها أكبر وأخطر.

 

ربما يؤكد هذا أن ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" أصبح يشكل تهديدا حقيقيا في منطقة الصحراء الكبرى والساحل؟

تشكيل تنظيم "القاعدة" لتهديد على الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل ليس أمرا جديدا هذه السنة، ففي كل سنة كانت "الجماعة السلفية" تهدد باعتراض مسار السباق والقضاء على المتسابقين. لقد كانت السلطات الفرنسية هي التي قررت إلغاء الرالي، ولم توضح مستندها في ذلك، بل اكتفت بالقول إن الأمر يتعلق بقضية دولة، ودائما يتم اللجوء إلى هذا الغطاء لتبرير السكوت عن إعطاء توضيحات مقنعة متعلقة بالمواضيع الأمنية خاصة. وفي هذا السياق، يمكن القول إن هذا الإلغاء كان يعني بالدرجة الأولى رفض الحكومة الفرنسية لزيارة رعاياها في الظرف الحالي لموريتانيا أكثر من أي شيء آخر. ولكن ينبغي الإشارة إلى أن مقتل الفرنسيين الأربعة في منطقة "ألاك" الموريتانية لم يكن من تنفيذ "تنظيم القاعدة" كما تبادر إلى الذهن ساعة الحادث، فالتنظيم الإرهابي الذي تبنى في بيان له عملية ثكنة "القلاوية" التي أسفرت عن مقتل 3 جنود تزامنا مع عمليات أخرى قام بها في الجزائر، لم يُشر أدنى إشارة إلى مقتل الفرنسيين الأربعة، مما يؤكد عدم صلته بالحادث.

 

وقد يؤدي هذا الإجراء إلى بعث الحديث عن ضرورة إنشاء قاعدة أمريكية في المنطقة، أليس كذلك؟

فعلا، يُعاد اجترار النقاش حول أهمية إنشاء قاعدة أمريكية في المنطقة عقب كل حدث إرهابي، وهذا القرار بإلغاء السباق يصب في مصلحة من يطالب بإنشاء "أفريكوم"، تحت ذريعة أن التهديد الإرهابي أصبح إقليميا ولا يختص بدولة معينة، ولابد من إنشاء قاعدة لمتابعة التحركات الإرهابية في الصحراء الكبرى. وهذا يعني أن هناك توظيفا لهذه القضية من طرف الجهات الداعمة للقرار الأمريكي. طبعا، لا يعني هذا أن أمريكا كانت وراء إلغاء السباق، ولكنها قد تحاول توظيف الحدث لصالحها.

 

وكيف ينظر الأوروبيون إلى هذه القاعدة الأمريكية في حالة إنشائها؟

ليس للأوروبيين موقف واضح من إنشاء قاعدة أمريكية في إفريقيا، فهم وإن لم يؤيدوها صراحة إلا أنهم لم يرفضوها كذلك. وفي ظني أن ذلك يرجع إلى غياب رؤية مشتركة بين الدول الأوروبية حول القضية. وبحسب المعطيات الحالية، المشروع الأمريكي لا يزال بعيد التحقيق، في ظل رفض الدول الإفريقية لاحتضانه.