وصفات لعلاج أنيميا الصداقة!


وصفات لعلاج فقر الصداقة!

  • علاج أنيميا الصداقة يماثل علاج فقر الدم: كبسولات الحديد، لتصنع درعا لقلبك!

 

تحدّث فلاسفة الأدباء عن “الصداقة” وكتبوا فيها، واعتبروها بعد طول تتبع وتفكير شيئا أقرب إلى الخيال إن لم يكن الخيال بعينه، إذ كيف يمكن تشخيص عاطفة تضاهي في رقّتها بين أصحاب الجنس الواحد عاطفة الحبّ المتأججة بين الجنسين، ثم تبقى بعد ذلك طاهرة لا تؤول إلى انحراف، قوية تسمو فوق كل خصام أو شجار أو وشاية، مثالية تنقطع بموجبها حظوظ النفس التي تبذل نفسها لغيرها دون انتظار مقابل.

هذا ما دفع الأديب الشاعر صفيّ الدين الحلّي (ت750هـ/ 1349م) ليعلن بملء فيه خلاصة فلسفته في الموضوع، حيث قال:

لَمّا رَأَيتُ بَني الزَمانِ وَما بِهِمْ       خِلٌّ وَفِيٌّ لِلشَدائِدِ أَصطَفي

أَيقَنتُ أَنَّ المُستَحيلَ ثَلاثَةٌ:      الغولُ، وَالعَنقاءُ، وَالخِلُّ الوَفي

وكتب أبو حيان التوحيدي (ت400هـ/ 1010م) رائعته “الصداقة والصديق” التي أتت “على حديث الصداقة والصديق، وما يتصل بالوفاق، والخلاف، والهجر، والصلة، والعتب، والرضا، والمذق، والرياء، والتحقق، والنفاق، والحيلة، والخداع، والاستقامة، والالتواء، والاستمانة، والاحتجاج، والاعتذار”، وقد استفتح كتابه بعد ما تقتضيه سُنَّة التأليف بالقول: “وسمعتُ الخوارزمي أبا بكر محمد بن العباس الشاعر البليغ يقول: اللهم نَفِّقْ سوق الوفاء فقد كسدَتْ، وأَصْلِحْ قلوب الناس فقد فَسَدَتْ، ولا تُمتني حتى يبور الجهل كما بار العقل، ويموت النَّقص كما مات العلم”.

ولا عجب من ذلك، فسوق الوفاء كاسدةٌ قلَّ أن وجدت رواجا منذ قديم الأزمان. ولهذا تمنى بعض الخلفاء الظفر بصديق ولو أداه ذلك إلى التخلي عن نصف ملكه (حتى في أقصى حالات الأسى، لا يتخلى الخلفاء عن جميع ملكهم. وهذه رسالةٌ واضحةٌ تُرسلها يوميا أنظمة بائسة تتشبث بعروشها ولو أجهزت على جميع رعاياها).

ولئن رُوي في حكم لقمان أنه قال: “الصديق إنسان آخر إلا أنه أنت” [الإعجاز والإيجاز للثعالبي]، نفهم لم صارت الصداقة شيئا أشبه بوهم أو خيال، فأنى للإنسان بالعثور على إنسان آخر “إلا أنه هو” إلا إن حصله في مخبر علمي متخصص في عمليات الاستنساخ!

*****

كتبتُ ما كتبتُ مقدمة لما يرد هنا. فعلى هامش خيبة أخرى تضاف إلى تجارب الأولين، سطّرتُ هذه الكلمات التي أهديها إلى “لَامَيْنِ” بقيتا صامدتين بدون أَلِفيهما، عساهنَّ يجدْن، قبل القُرَّاء، في هذه الكلمات إحساسا فشل وحي الواقع في إيصاله.

  • إلى الذي أوهمني أن الصداقات الجديدة بعد سن الثلاثين موجودة، وبين الجنسين ممكنة: شكرا لك.. كدتُ أُصدّقك لولاك!

  • أفضل فوائد أن لا يكون لديك أصدقاء: تخفيف ذاكرة الهاتف النقّال، وإطالة عمر البطّارية. كم نشبه هواتفنا!!

  • ما يظنه معظم الناس “صداقة” هو مجرّد “تعارف” فقط. الصداقة تولد بعد الهزة العنيفة الأولى التي تعقب هذا التعارف.

  • لطالما ردّدْتَ: “كلّ يوم تعال”. نسيتُ العبارة التي ترجمتُها أنا يوما عن كاتب غربي “تعال متى شئت، فأنا لا أكون هنا إطلاقا”.. كيف ذهلتُ عن الشطر الثاني وقد كان أفضل تفسير ليد الصداقة الممدودة!

  • كيف يمكن لصداقة ما أن تدوم وهي لم تصمد عند أول مطبّ هوائي؟ ماذا لو صادفت إعصارا؟!

  • ـ “الليلةَ خسرتُ صديقا”. ـ كيف خسرتَه؟ ـ “قامرتْ بنا الحياة في كازينو فاستنفد رصيده عند أول طاولة ألعاب”!

  • تُدركُ أنك تعيش في “عصر السرعة” حينما تفقد أصدقاءك بنفس السرعة التي تعرّفت عليهم بها! وتكتشف أنك في “عالم الرقمنة” عندما تبدأ صداقاتك برسائل رقمية وتنتهي عندها!

  • نصيحة: عندما تُجهز على الصداقة بكاتم صوت، لا تلبس ثوب الحداد لأنك لن تجد جثّة تبكي لفقدها.

  • تخسر حبيبا فتُصبحُ خبيرا في الحب.. وتخسر صديقا فتتحول إلى أخصائي في الصداقة.. وفق هذا القياس: لا يوجد بين الأحياء خُبراء في الحياة!

  • صفقةٌ خاسرةٌ: أُعلن فراقنا أمام القراء فأزداد التصاقا بك لأنني لا أقرأني إلا ووجدتك معي!

  • نصيحة لكل باحث عن الصداقة: “فرّ من (الشّات) فرارك من الأسد”!

  • علاج أنيميا الصداقة يماثل علاج فقر الدم: كبسولات الحديد، لتصنع درعا لقلبك!

  • أهديتك مشعلا لتُنير به دربك.. لم أحرقتني به؟

  • في المرة القادمة، كن أكثر رحمة بصديقك: لا تجعل من قلبه واقيا للصدمات.

  • ـ رسالتي وصلتْ؟ ـ لم تصل لأني غيّرتُ مقر إقامة قلبي.

  • لا شيء أفضل بين غريبين من التحدث بلغة الغرباء!

  • لا شيء أصعب من أن تدفن صديقا لم يمُتْ!